قد يكونُ سهلاً على رئيس “التيار الوطنيّ الحر” جبران باسيل “فكَّ إرتباطهِ” مع “حزب الله” بعد وصول العلاقة بين الطرفين إلى مراحلَ حرجةٍ تماماً، إلا أنّهُ في المقابل، سيكون من الصعب تماماً “رأب الصّدع” الذي سينجم عن “الطلاق” الذي يقترب من التحقّق.
آخر المعطيات عن مشهدية النفور المتصاعد تكشف أنّ مجمل التواصل الذي حصل بين الحزب و “التيار” خلال الأيام القليلة الماضية كان سلبياً، ولم تُفلح بعض الوساطات في “فرملة الطلاق” المرتقب. كذلك، فقد تبيّن أن بعض الجهات المقربة من الطرفين حاولت الدخول على الخط، لكن لا نتائج مُثمرة باتجاه الحل. إلا أنه في الوقت نفسه، تكشف مصادر مقرّبة من “حزب الله” لـ”لبنان24″ أن “قنوات المحادثات مع باسيل لم تنكسر بعد، وبالتالي لا تبادل رسائل عبر أحد، لأن التواصل ما زال مباشراً”.
وفي ظلّ المشهدية القائمة، فإنّ من يعتقدُ أنّ “التناحر” بين “التيار الوطني الحر” والحزب سببه رئاسة الجمهوريّة، سيكونُ مخطئاً تماماً، لأنّ الأمور أبعد من ذلك بكثير. فشكلياً، فإن الخلاف بين “التيار” و “الحزب” سببه تمسك الأخير بترشيح رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية للرئاسة، في حين أن باسيل يعارض بشدة هذا الأمر، وقرر “فرط” التحالف بسبب “التمسك الكبير”. مع ذلك، فإن ما بينته الحقائق خلال المرحلة الأخيرة هو أنّ العلاقة بين الحزب و “التيار” مبنيّة على “المصلحة” أكثر من الإرتباط الإستراتيجي الذي جرى الترويج لهُ مراراً وتكراراً منذ إتفاق مار مخايل عام 2006 وصولاً إلى اليوم. وبكل ثقة، فإنّ مفاعيل تلك العلاقة ستنتهي تماماً بعدما تبين أنه لا قواسم مشتركة جديدة يمكن البناء عليها للمُستقبل حتى في رئاسة الجمهورية. وعملياً، فإنّ التصدّع في العلاقة لم يبدأ مؤخراً، بل ازداد بشدّة قبل أكثر من عام، وقد سعى “حزب الله” إلى إعادة تفعيل اللجنة المشتركة مع التيار، إلا أن عملها لم يأتِ بأي نتيجة تُذكر على صعيد تطوير التفاهم.
إلى الآن، ورغم التمنيات التي جرى إطلاقها من جبهة حارة حريك للحفاظ على التفاهم في الأيام القليلة الماضية وتحديداً من جهة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، كان “التيار” منشغلاً في إسداء الرسائل القاسية ولمواجهة الحزب علناً من دونِ أي سقوفٍ مُحدّدة. الأمرُ هذا يُزعج الضاحية الجنوبية كثيراً أكثر من أيّ وقتٍ مضى وتعتبر أوساط الحزب ذلك بمثابة “تخلّ عبثي”، وما يتبين هو أنّ باسيل قرّر حقاً “الطلاق” والخصام من دون رجعة، وسط قرارٍ واضح بطيّ صفحة التحالف السابقة من دون رجعة.
ماذا بعد الطلاق؟
عملياً، قد يظنُّ باسيل أنّ خطوتهُ التي تبعدهُ عن الحزب، قد تُمهّدُ لأمرٍ واحد يطمحُ إليه وهو أخذ “الرّضى الأميركي”، ولكن، هل هذا سيحصلُ حقاً؟ ففي حال تنعّم باسيل برضى الخارج، فكيف يمكنه “ترميم” علاقاته في الداخل؟ هل سيُقنع الآخرين به مُجدداً وهل سيكونُ غداً أقرب على خصومه على قاعدة “يا دار ما دخلِك شر؟”.
من اختبرَ نمطَ باسيل سياسياً سيستنتجُ أنّه “لا ثقة” بأدائهِ السياسي، فخطوة ابتعاده عن “حزب الله” بهذا الشكل لن تكون إيجابية عليه بل ستكون سلبية في الداخل. فأي طرفٍ سيتفاهم مع باسيل في الوسط الشيعي.. وأي طرفٍ سيلاقيه في البيت السني؟ من سيقتنع بخياراته في الجانب المسيحي.. أما درزياً، فهل سيؤيده الحلفاء بخطوته؟
بشكلٍ أو بآخر، فإنّ باسيل يُراهن على طريق أخرى للوصول من خلالها إلى قصر بعبداً رئيساً للجمهورية، وهو بات يعتقدُ أنّ العلاقة مع الحزب تُعرقل ذلك، ولهذا قرّر اتخاذ دربٍ جديدٍ يُتيح له كسر ما يعتقد أنه حصار مفروض عليه.
» الخبر من المصدر
المصدر lebanon24